”زادُ المُهــاجِـر إلىٰ ربــِّه“ ❤

”زادُ المُهــاجِـر إلىٰ ربــِّه“ ❤

إنًّ العبدَ الصالحَ المُحبَّ لربِّه تبارك وتعالى في مشوار حياته دائمًا مهاجر إلى ربه تبارك وتعالى مع كل نفسٍ من أنفاسِه. يهاجر إلى الله بقلبه بتجديد ميثاق المحبة والإخلاص والخوف والرجاء لاسيما في عباداته: صلاته، صيامه، وبتجديد توبته النصوح، فهو يستقل بتلك الأنفاس التي يقدمها لربه قربانًا فيستغفر وينيب إلى إلهه ومعبوده.

 

إنه قلب رحل عن الدنيا وأجوائها وقد حلق في آفاق السماء شاقًا لطريقه إلى ربه فلا يرضى بدون السجود تحت العرش.

 

ولذلك تجد الجوارح مهاجرة عن المخالفات والمعاصي إلى الطاعات والقربات، فقد قال ﷺ: "المهاجرُ من هجرَ ما نهى اللهُ عنه."

ابن تيمية (ت ٧٢٨)، مجموع الفتاوى ٤‏/٤٦٣ • صحيح •

 

وهجرة أخرى، إلى رسول الله ﷺ اتباعًا وطاعةً واقتداءً، بقراءة سيرته العطرة وسنته الفياضة وكثرة الصلاة عليه راميًا إلى مرافقته في الجنة.

﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا﴾

[سورة النساء ٦٩]

 

يقول ابن القيم رحمه الله في رسالته التبوكية أو زاد المهاجر إلى ربه:

" سفر القلب في كل مسألة من مسائل الإيمان وفي كل حادثة من حوادث الأحكام وفي كل منزلة من منازل القلوب إلى منبع الهدى ومعدن النور المتلقى من فم الصادق المصدوق صلَّ الله عليه و سلم فكل مسألة أشرقت عليها شمس رسالته وإلا فألقها في بحر الظلمات وكل شاهد عدله هذا المزكِّي وإلا فهو من أهل الريب والتهمات."  انتهى.

 

إنها هجرة تستغرق أيام العمر حتى تحط رحالك على ساحل الآخرة بعدما خضت بحر الدنيا.

﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾

[سورة النساء ١٠٠]

 

(كُتبت في محرم ١٤٣٠ هجريًا)

 

#د_أبوبكرالقاضي

شارك