المرض النفسي ليس وصمة دينية ولا إجتماعية

المرض النفسي ليس وصمة دينية ولا إجتماعية

طريقة التفكير و الوعي النفسي و الخبرة بالحياة هي المحور الرئيس في طريقة تقبل الإنسان لمدلهمات الحياة و خطوب الدهر و المصائب و المحن و لا شك أن هذا نابع من التصورات العميقة للحياة و الوجود التي غرست في قلوبنا و عقولنا وضمائرنا من خلال التربية و غرس العقيدة في وجداننا في الصغر ،،

 

هذا العامل يغفل عنه الكثير و هو يقارن بين طريقة تقبل و ثبات بعض من يظهر عليه المعاصي للشدائد و الهشاشة النفسية التي تظهر على بعض من يظهر عليه سمت الالتزام و التسنن و بعضهم يطلق القول بأن العيادات النفسية ملأى بالمتدينين و أن التدين يولد كبتا و إحباطا و ضغطا على النفسية و لذلك تكون هذه هي النتيجة ..

 

و في الحقيقة العامل الأساسي في هذه العملية هي التربية و النشئة و طريقتها و القيم و المباديء و التصورات التي غرست وقت صفاء الذهن و نمت و ترعرعت مع السنين بمعاني الثقة بالنفس و التعبير عن الذات أو عكسها و بأسباب الصحة النفسية كالإشباع الدافيء من مشاعر المحضن التربوي في البيت و عدم التشوه النفسي بقسوة  أو غيرها ..

 

لاشك أن الدين يعلم الصبر و الرضا و الشكر وهو من أعظم الأسباب للحياة الطيبة و الحفاظ على السوية النفسية و استردادها في حين أن الخلل لم يصل لحالة المرض النفسي لكن مدى أثر هذه المشاعر و عمقها في النفس يحتاج لنحت في الوعي يستغرق سنوات وهو أسهل و أيسر في حال الصغر و مقاومة التصورات السلبية التي غرست في نفس المرحلة من الصغر حين الكبر يستغرق وقتا طويلا أيضا فضلا عن انعكاساتها في السلوك و المعاملة مع الأقدار و الناس ..

 

المقصود من هذه السطور أن إقحام التدين في معالجة إفرازات التشوهات النفسية و الدماغية التي هي من جنس الأدواء التي لها كل منها دواء و نحن مطالبون بإستيعاب أن النفوس لها علل كالأبدان يتفرع مداواتها للعلاج النفسي السلوكي و العلاج النفسي الكيميائي و كل له تخصصه و متخصصوه و لا ينبغي أن يعالج بسذاجة أنه فقط يقرأ ورد كذا أو يصلي كذا أو يلتزم بكذا أو نرجع كل مظاهر هذه الأمراض المتأصلة لنقص في الإيمان ..!! فهذا ظلم و جهل و تعميق لحجم الأزمة و قد يؤدي لضعف الثقة في نصوص الشرع لأنها وضعت في غير مواضعها ،لأن مواضعها الأصلية في معالجة النفوس السوية من الغم و الهم و الحزن..!

 

و إشكالية معاصرة في مجتمعاتنا أن المرض النفسي عار ووصمة و تهمة للمتدينين و لغيرهم شكل من أشكال التخلف الثقافي و الديني و لابد أن يُقاوم من قبل المثقفين و الدعاة و المصلحين..!

شارك