الانتماء إلى الدعوة السلفية
•••الحمد لله، والصلاة والسلام على
رسول الله، أما بعد؛
فإن الانتماء إلى الدعوة السلفية ليس
بديلًا عن الانتماء للإسلام وأمة الإسلام في المشارق والمغارب، وإنما يُقَام
الولاء والبراء على الإسلام واتباع الحق من نصوص الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة
أقوى الإجماعات حجة -رضي الله عنهم-، والقرون الخيرية مِن بعدهم -الإجماع القديم-؛
إذ بعدهم كَثُر الخلاف وإن كان الإجماع الاستقرائي مِن تتبع اتفاق مجتهدي الأمة
على مسألة من المسائل حجة عند جمهور العلماء، والقياس الجلي -أي: الظاهر-،
والبينات التي قال الله -تعالى- فيها: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا
وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ
عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:105).
وإنما هي وسائل للقيام بالواجبات
المضيعة في الأمة؛ تطبيقًا لقاعدة: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".
وسد الثغرات وإقامة فروض الكفايات منذ
سقوط الخلافة الإسلامية: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة:2)؛ فالتعاون على البر
الواجب واجب، والتعاون على البر المستحب مستحب.
فهي كيانات لنشر المنهج -منهج أهل
السنة والجماعة -علمًا وعملًا، وتطبيقًا، وتخلقًا وسلوكًا، ودعوة وبيانًا،
وانتشارًا في المجتمعات التي غُيبت في غياهب الجهل والفقر، والتخلف والتغريب،
والهزائم العسكرية، والاستخراب المسمَّى: بـ"الاستعمار الفكري، والثقافي،
والاقتصادي".
وهي لا تعتقد أنها جماعة المسلمين -أي:
ممثلة للإسلام دون غيرها- كما ترى جماعات التكفير والصدام، وإنما ترى أنها جماعة
من المسلمين تعمل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإبلاغ رسالات الله،
وإعادة القوة للأمة بكافة أنواعها وأجناسها في كافة المجالات.
ولا تحتكر الفضل والخير في نفسها، ولا
في تطبيقاتها واختياراتها وحركاتها -وإن كانت تجتهد وتبذل أسباب الاجتهاد والأخذ
بالشورى-، بل تدرك أن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- كالغيث، الخير مبثوث فيها؛
أفرادًا وجماعات، ولا تعتقد الخير المطلق والفضل المطلق، ولا العصمة إلا في المنهج
لا الأشخاص!
فهي روح مقاومة هذه الأمة، وخادمة
لأهدافها ومصالحها، ولا تنصهر في بوتقة مصالحها الشخصية، ولا الصراعات الحزبية
والطائفية، ولا تنعزل بمشاكلها النخبوية؛ فكريًّا أو حركيًّا أو إدرايًّا أو
نفسيًّا، تقاوم الفساد في زمنٍ لا تصلح فيه الفردية، بل الحرب حرب مؤسسات!
ومحاولات المكر الكبار الذي يمارسه
الباطل في شكل: تنظيمات ومؤسسات وحركات، وحملات، ودول وأموال تدر للصهيونية
واليسوعية الفاتيكانية، وغيرها؛ نشرًا للأيدلوجيات الكافرة الإلحادية الاستعمارية
للشعوب، والتي أجل وظائفها وأقدسها -عندهم- هو القضاء على أهل السُّنة والجماعة؛
فهم العدو الإستراتيجي الأول المسمَّى -بالسلفية الأصولية الوهابية المنتسبة لشيخ
الإسلام ابن تيمية-، الرافد الأوفر لحضارة الإسلام والقادر على الحفاظ على قوة
واستقلالية شخصية الأمة بالبيان الشافي في قضايا التوحيد، والأسماء والصفات،
وتوحيد العبادة، ونبذ صور الشرك، والولاء والبراء، والحاكمية والجهاد في سبيل الله
دون انهزام أو انسحاق، أو تزييف أو قبول للتطبيع، مع فهم مقاصد الشريعة والأطر
الكلية لها التي تفرِّق بين الثابت والمتغير لمواجهة كافة التحديات، وتجاوز مراحل
الدعوة مِن الاستضعاف إلى مرحلة التمكين في المشارق والمغارب، وإقامة خلافة على
منهاج النبوة، وهو وعد آتٍ لا محالة -بإذن الله-؛ فهي مرحلة عبور من الاستضعاف إلى
التمكين، وجسور عبور للأممية !